Saturday, January 23, 2016

هل دولة كردستان قادمة ؟



   كاكا مسعود البرزاني مستعجل على اعلان دولة كردستان وزعلان على الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس لانهم اهملوا وضع حدود لدولته المنشودة ولهذا يدعوا الى سايكس بيكو جديد يعيد له حدود دولته التي تكبر وتتسع بفضل داعش ، فكل ما احتلت داعش قرية او مدينه وحررتها قوات البيشمركة ضمها كاكا مسعود لدولته .
كما جاء في الغارديان السبت 23 يناير/كانون الثاني مقالا لمارتن شولوف من أربيل بعنوان "زعيم أكراد العراق يقول يجب إعادة ترسيم الحدود".
التفاصيل هنا

والظاهر كاكا مسعود ماخذ الضوء الاخضر من اصدقائه الاسرائيليين بعد كلمة وزيرة العدل  الاسرائيلي "أيليت شاكيد"  أمام المؤتمر السنوي التاسع لمعهد بحوث الأمن القومي بجامعة تل أبيب.
حيث ألقت الوزيرة بمفاجأة في المؤتمر حين قالت بأنه “ينبغي على اسرائيل الدعوة علناً إلى إقامة دولة كردية تفصل بينها وبين إيران وتركيا، وتعزز مكانة الجهات الأكثر اعتدالاً في المنطقة”.
كما وأشارت الوزيرة إلى أن “الشعب الكردي شريك للشعب الإسرائيلي”.
التفاصيل هنا  بالاضافة الى موقف نتنياهوشخصيا ووزير خارجيته الاسبق ليبرمان الداعم لقضيه دولة كردستان  

ولكن هل لازالت امريكا مصرة على موقفها في رفض اقامة دولة كردستان والذي جاء على لسان نائب الرئيس جو بايدن عام 2014  والذي نقله مصدر دبلوماسي امريكي رفيع المستوى ابلغه " للعالم " أن نائب الرئيس جو بايدن طلب من بارازاني التأني في خطوات حكومة الاقليم نحو اعلان الدولة الكردية ، ونصحه بأن البقاء ضمن عراقي فدرالي هو أكثر فائدة لكردستان . المصدر

وهل لازالت تركيا وايران  تصران على موقفهما الرافض لاقامة دولة كردستان ؟؟ 
أم هناك مفاجئات قد تغير من موقف هذه الحكومات حسب طبيعة الاتفاقات الجانبية السرية والغير معلنة  والتي ستحاك خلف الكواليس؟؟










Wednesday, January 13, 2016

من هم الآشوريين ؟؟ ج2





كيف سّمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج 2 ..

 بقلم: موفق نيسكو

ذكرنا في ج1 أن الاسم الآشوري حديث ولا علاقة له بالآشوريين القدماء، وهذا الاسم أُطلقه الانكليز على السريان الشرقيين النساطرة بعد الاكتشافات الأثرية التي قام بها الانكليزي لايارد من سنة 1845م حيث راج الاسم الآشوري في انكلترا، مما جعل رئيس أساقفة كارنتربري إرسال بعثة إلى النساطرة سنة 1876م باسم بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين، فتلقَّف السريان النساطرة الاسم الآشوري وأعجبوا به خاصة البطريرك بنيامين ايشاي الذي كانت له آراء وتطلعات قومية، يساعده على نشر الاسم وتعزيزه المبشرون الأنكليكان.
اُغتيل البطريرك بنيامين سنة 1918م على يد إسماعيل سامكو بطريقة غادرة، وخَلَفهُ شقيقه بولس إيشاي الذي كان مريضاً وتوفي سنة 1920م، فخَلَفه ابن أخيه البطريرك إيشاي داؤد، وكان صغيراً جداً لم يتجاوز عمره 12 سنة، (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما خانم وصيَّةً عليه، وعلى إثر اغتيال البطريرك بنيامين بطريقة غادرة تنامى الشعور القومي الآشوري لدى رعيته وأخذ الاسم الآشوري الجديد منحىً قومياً عندهم محاولين ربطه بالآشوريين القدماء.
كانت سورما ذكية ومثقفة وأصبحت تُدير شؤون النساطرة واتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، فحضرت مؤتمر باريس سنة 1918م، وجنيف 1925م لعرض قضية شعبها، وذهبت إلى انكلترا (1919–1920م) وحلَّت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا وحضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، والتقت بعدة مسؤولين وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني، وكان أسلوبها وخطابها بالانكليزية مؤثراً جداً نال إعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كارنتربري Randall Davidson (1903–1928م) في ك2، 1919م مخاطباً المسؤولين الانكليز بخصوص النساطرة قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وخلال زيارتها لانكلترا اهتم بها الإعلام وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو (آشور)، ووصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية شميرام، وخلال وجودها في لندن ألَّفت في نيسان 1920م كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون، 114 صفحة) عدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريين، وهذا أول كتاب من رمز نسطوري يقول إنهم آشوريين، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كارنتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير وخاصة دافيدسين الذي عدَّه وثيقة للتعريف بالكنيسة النسطورية الآشورية للبريطانيين، ووصف سورما بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (سورما خانم ص172–173)، وأعيد طبعه سنة 1983م في  نيويورك مطبعة Vehicle ف100 صفحة)، ثم أطلق ويكرام على الآنسة سورما لقب “الخانم” (ويكرام، مهد البشرية ص 356)، وهي كلمة تركية معناها السيدة أو ذو السيادة المطلقة أسوة بلقب السيدة lady الذي أطلقه المبشر الانكليزي بروان عليها، وأيَّد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناءً على طلب زوجته ماري منتيك (1867–1953م).
وعندما عُيَّن الكولونيل الانكليزي جيرارد ليجمان حاكماً للموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: إنكم من أصول الآثوريين وأنا مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم ومعرفتكم أنكم أحفاداً الآثوريين الذين شيدوا مجد نينوى، فردَّ عليه أهل الموصل: إنه منذ زمن قدومنا في عصر الإسلام لم نجد فيها إلاّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بأخبار البلاد أن يطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الآثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن إنشاء وطن قومي للآثوريين والكلدان في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وأن هؤلاء هم نساطرة ليس لهم علاقة بالآشوريين وغالبية أهل الموصل يعدّونهم أكراداً مسيحيين، لذلك فطرح هذا الاسم سيشكل شقاقاً بين أهل الموصل بين المسلمين والمسيحيين وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصرَّ على ذلك، وفي 3 ك 2 سنة 1966م وعندما كانت سورما منفيَّة في أمريكا منحها رئيس أساقفة كارنتربري آرثر ميشيل رامسي (1961–1974م) وسام “صليب القديس أوغسطين” تثميناً لمكانتها وصداقتها.
أمَّا البطريرك إيشاي داود فتم إرساله إلى انكلترا للدراسة في مدرسة القديس اغسطينوس تحت إشراف رئيس أساقفة كارنتربري دافيدسن، وعاد سنة 1929م وهو في ريعان شبابه وكله حماس واندفاع لتكوين الأمة الآشورية الجديدة مطالباً الحكومة العراقية بالسلطتين الدينية والدنيوية وتشكيل حبيسة آشورية (ارض محصورة) لتكوين الأمة الآشورية الجديدة تمتد من مدينة كفري جنوب كركوك إلى ديار بكر، وتشمل مناطق دهوك، زاخو، عقرة، العمادية، وغيرها، ودخل في مشاكل مع الحكومة العراقية، وفي رد البطريرك إيشاي على برقية وزير الداخلية العراقي حكمت سليمان المرقمة 1104 في 28 أيار 1933م قال: إن سلطة بطريركيتي تاريخية عظيمة واستعمالها موروث عن تقاليد الشعب والكنيسة الآثورية، وإنني لم ادَّعِِ بالسلطة الزمنية وإنما ورثتها من قرون مضت كتخويل قانوني من الشعب للبطريرك، وكان معترفاً بها من قِبل الملوك الساسانيين القدماء والخلفاء المسلمين ومغولي خان وسلاطين عثمان، (عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية ج3 ص271–272)، علماً أنه لا يوجد أي اعتراف تاريخي باسم الكنيسة الآثورية من قِبل الساسانيين والمسلمين والمغول والعثمانيين إطلاقاً، بل هناك اعتراف بكنيسة المشرق السريانية التي عُرفت بكنيسة فارس من قِبل الساسانيين وباسم النساطرة من قِبل الخلفاء المسلمين، وهو اعتراف كنسي ديني فقط لا دنيوي، والبطريرك إيشاي داود وسورما يعترفان بذلك، ففي الرسالة التي وجهها البطريرك إيشاي في 15نيسان 1952م إلى السفير البريطاني في واشنطن يقول: الآن لا بد أن نقول وكما تعلمون أن كنيستنا عريقة وعُرفت في التواريخ الإسلامية بكنيسة النساطرة، وفي الرسالة التي وجهتها سورما خانم بتاريخ 17 شباط 1920م إلى وزير خارجية بريطانيا اللورد جورج كورزون George Curzon (1919–1924م) تطالب فيها حماية شعبها وتقول: لقد سمحت لنفسي أن أكتب هذه الرسالة وأوجهها لسيادتكم بكوني ممثلة للآشوريين الذين عُرفوا رسمياً في السابق “بملّة النساطرة”. (سورما خانم ص117).
وفضلاً عن المشاكل مع الحكومة العراقية حدثت للبطريرك مشاكل سياسية واجتماعية مع رعيته مثل أغا بطرس البازي (1880–1932م) وملك خوشابا (1877–1954م) وغيرهم من رؤساء العشائر، وأخيراً فإن خروج العراق من الانتداب البريطاني سنة 1932م، أعطى مبرراً وفرصة ذهبية لقيام بعض المتعصبين في الحكومة العراقية ممثلاً بالأمير غازي ووزير الداخلية حكمت سليمان  والقائد العسكري بكر صدقي بالهجوم على الآشوريين بالرغم من عدم موافقة الملك فيصل الأول، فنفَّذت في 7 آب 1933م مذبحة مروعة في مدينة سيميل راح ضحيتها آلاف الآشوريون، فضلاً عن تشريد آلاف آخرين وتدمير قراهم.
ويقول الكاتب اللبناني يوسف إبراهيم يزبك (1901–1982م) الذي كان معاصراً للأحداث  والذي عَدَّ أن الآشوريين هم أكراد لأنهم يسكنون كردستان: إن الانكليز قاموا بعد احتلالهم العراق بإهداء هؤلاء الأكراد اسم آشور مستغلين سذاجتهم وانحطاط مستواهم الثقافي تمهيداً للاستفادة منهم في تنفيذ مخططاهم الاستعمارية في العراق، فتقبلوا هذا الاسم، وفاخروا بأنهم من سلالة الآشوريين الذين انقرضوا، وعمدوا بعد ذلك إلى تسمية ابناهم أسماء آشورية كسنحاريب وسرجون وآشور، كما أخذت الصحافة الانكليزية تروج ذلك، فأطلقت لقب صاحبة السمو على سورما خانم عمة مار شمعون الحالي (ايشاي)، وعمد بعض الانكليز إلى ترديد نغمة ما يُسمَّى بالوطن القومي للاثوريين في شمال العراق، ويُعلّق كاهن كاثوليكي التقى مع يوسف يزبك على موضوع الآشوريين قائلاً: إن الانكليز جعلوا من هؤلاء المسيحيين البسطاء حطباً لموقد مطامعهم، وصوروا للعالم تلك القبائل التيارية النسطورية بأنها أُمة ذات تاريخ،في حين لم تكن تلك القبائل يوماً من الأيام بوارثة الأمة الآشورية، وفي إشارة إلى المذابح التي ارتكبت بحق النساطرة جراء قيام الانكليز بتسميتهم آثوريين يضيف الكاهن قائلاً ليزبك: إن الانكليز “أثَّروها حتى ثوَّروها”، أي أن الانكليز جعلوا من النساطرة آثوريين إلى أن ثاروا. (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص 232 236–238).
وبعد أن أصبحت مسألة الآشوريين في العراق مشكلة سياسية على إثر مذابح الآشوريين في سيميل سنة 1933م، وإراقة تلك الدماء، تنكَّر الانكليز للآشوريين فذكرت جريدة التايمس اللندنية في عددها الصادر في  10 آب 1933م أن قصة شقاء الآشوريين بدأت في اليوم الذي ثاروا فيها على أسيادهم الأتراك، ثم قام كثير من الباحثين والسياسيين والمثقفين على اختلاف انتماءاتهم بشجب تسمية رئيس أساقفة كارنتربري النساطرة بالآشوريين وإحداث هذه المشاكل، إذ لا علاقة لهم بالآشوريين القدماء، وقد تنكَّر الانكليز أنفسهم وندموا بإطلاق اسم الآشوريين عليهم وتراجعوا عن وصفهم بأحفاد الآشوريين.
1: يقول كتاب سري من سفير بريطانيا في العراق فرنسيس همفريز إلى سايمون في الخارجية البريطانية في 18 ت1، 1933م:
The name Assyrian witch came to applied to them later, is misnomer, it is a church and a nation, that should be described.
(إن تسمية آشوريين التي أُطلقت مؤخراً على النساطرة هي تسمية مظللة، لذا يجب وصفهم كطائفة دينية كنسية وليس كأمة). سجلات وزارة الخارجية البريطانية (Oct.18,1933 6229 (Fo371–1684/E.
2: تقول مذكرة سرية في وزارة الخارجية البريطانية في 12 شباط 1934م بعنوان ملخص تاريخي للقضية الآشورية:
The Assyrian of Iraq are a religion rather than a racial a minority, it would be more correct to refer to them as Nestorian.
إن آشوريي العراق هم أقلية دينية وليست عرقية، لذلك فمن الأصح تسميتهم بالنساطرة. (سجلات وزارة الخارجية البريطانية ((Fo371–17834/E1035Feb12,1934.
3: إلى نهاية الدولة العثمانية لم يرد اسم الآشوريين كملَّة حيث كان عدد الملل سنة 1918م (12ملَّة) هي: الرومية، الرومية الكاثوليكية، الأرمنية، الأرمنية الكاثوليكية، السريانية القديمة (الأرثوذكس)، السريانية الكاثوليكية، الكلدانية، البروتستانية البلغارية، الموسوية، قارائي الموسوية، واللاتينية.
4: تقول المس غيرترود بيل: كان الفرنسيون يساعدون الكاثوليك، وكانت سياستنا تُبدي ميلاً لحماية الكنيسة النسطورية ضد المتفرعين عنها وهم الكاثوليك الكلدان، ومن أسباب ذلك وجود هيئة تبشيرية صغيرة بين النسطوريين تُدعى “بعثة رئيس أساقفة كارنتربري للنسطوريين” (فصول من تاريخ العراق القريب ص161–162)، وعندما زارت بيل النساطرة في مخيم بعقوبة سنة 1918م كتبت لأبيها “هوكي بيل” تقول: لقد قمتُ برفقة الجنرال “لوببسك” بزيارة مخيم اللاجئين النساطرة في بعقوبة، ثم تقول بوضوح: إن النساطرة أصبحوا يفضلون إطلاق اسم الآثوريين عليهم. (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، تحقيق الأب يوسف توما ص 189).
5: يقول مارك سايكس (1879–1919م): إن النساطرة في أيامنا هذه أخذوا يطرحون وبكل تأكيد الرأي القائل أن أصلهم آشوريون، ويفترضون أنفسهم أحفاداً حقيقيين لأولئك الساميين الذين دوخوا العالم بانتصاراتهم قبل الميلاد، لكن هذا الطرح لا يشكل من الحقيقة شيئاً، وكل ما هنالك أنه تقليد متوارث وأسطورة متباطئة ذات أصول ذكية دعمها وساندها الأنكلو– سكسون (الانكليز). (ميشيل شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ص167).
6: يقول المستر جون أدمونز (1889–1979م) مستشار وزارة الداخلية في العراق (1932–1945م) بأن النساطرة المسيحيين سَمَّتهم انكلترا حديثاً باسم الآشوريين قائلاً: إن المسيحيين النساطرة في إقليم هكاري يُعرفون في انكلترا باسم (الآثوريين). سي. جي. ادمونز، كرد وترك وعرب، ترجمة جرجيس فتح الله، بغداد1971م، ص7.
7: يقول كل من المؤرخ والسياسي البريطاني في بداية العهد الملكي ستيفن همسلي لونكريك الذي أصبح مفتشاً إدارياً في الحكومة العراقية وعمل في مجال النفط وكذلك فرانك ستوكس مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية في لندن: أمَّا الآشوريون، فهم طائفة نسطورية مسيحية سريانية في لغتها، واسم الآشوريين الذي أُطلق على هذه الطائفة لا يثبت انحدارهم الفعلي أو تواصل نسبهم من ومع الملك سرجون أو آشور بانيبال. (همسلي لونكريك وستوكس، العراق منذ فجر التاريخ إلى سنة 1958م، ص25).
8: بعد أن أُعجب السريان النساطرة اكليريوساً وعلمانيين بالاسم الآشوري الذي أطلقهُ الانكليز عليهم معتقدين أنهم ينحدرون فعلاً من الآشوريين القدماء، شكَّلوا مراكز سياسية وثقافية آشورية قوية وكثيرة، بل تركوا كل شي من كتابات دينية وتاريخ كنسي ولاهوتي وطقسي ولغوي وركزوا على الآشورية فقط، وهنا برزت مشكلة الاسم، إذ بما أن الآشوريين هم بالحقيقة سريان،  فهذه مشكلة، وللخروج من هذه المعضلة ولتبرير التسمية الآشورية، بدء بعض المثقفين ورجال الدين الآشوريون بالبحث والاستناد إلى اشتقاقات لغوية لربط كلمة سوريا التي تدل على السريان بكلمة آشور، واخترع لأول مرة ميرزا مصروف في أروميا سنة 1897م كلمة أخرى بالسرياني هي آسور (ܐܣܘܪ)، وعنه أخذ الباقين استعمال هذه الكلمة التي لا توجد في التراث السرياني إطلاقاً. (سنتناول موضوع الاشتقاقات وكلمة آسور، ولأول مرة، وبالتفصيل الموثَّق لاحقاً).
9: يلخِّص الأستاذ جون جوزيف وهو نسطوري في كتابه بالانكليزية the modern Assyrians of the middle east (الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط ص 17–20) قائلاً (للاختصار لم أدرج النص الذي قمتُ بترجمته من الانكليزي): عندما كُشفت الحفريات الآشورية بقايا العاصمة الآشورية القديمة في نينوى وضواحيها جذبت اهتمام العالم على النساطرة وأخوتهم الكلدان، وبطل هذه الحفريات هو أوستن لايارد الذي سارع إلى الإعلان عن هذه الأقليات التاريخية واللغوية والدينية بالاعتماد على ما تبقى من أكوام وقصور مدمرة من نينوى وآشور، وفي خضم ذلك كتب JP فليتشر أن الكلدان النساطرة هم صفوة الناس الباقية على قيد الحياة من أشور وبابل، وبينما كان اسم الكلدان بالفعل موجوداً ومخصص لأولئك النساطرة الذين اعتنقوا الكاثوليكية الرومانية، اعتُمد الاسم اللامع التوأم للكلدان وهو الآشوريين في نهاية المطاف للدلالة على النساطرة واتخذوه اسماً لهم، ومنذ عام 1870م تم استبدال النسطورية بالآشورية في المفردات الانكليكانية الرسمية، ومن المثير للاهتمام أن لايارد وهرمز رسام استمرا باستخدام اسم الكلدان الأقدم والأكثر دراية وتطبيقه على كل من الكاثوليك الكلدان والنساطرة، وقد لاحظ كوكلي أن الخلاف كان قائماً بين هرمز رسام وجون ماكلين من البعثة الانكليكانية في قوجانس سنة 1889حول اسم السريان والآشوريين عندما أعلن ماكلين أنه ضد مصطلح الآشوريين قائلاً:”لماذا ينبغي لنا أن نخترع لهم اسماً عندما يكون لدينا اسم مريح جداً ومفهوماً ومستخدم لعدة قرون في يدنا،  وكان مفهوماً أن الذي يعيش على مقربة من أنقاض نينوى سوف يتحمَّس لاسم آشور القديم، ولكن هذا الحماس سيُلقي جانباً الاسم الذي كان يُستخدم من قِبل الناس أنفسهم وهو(suraye) سورايي، سورايا (السريان) نتيجةً لابتكار اسماً آخر لهم مشكوك فيه جداً، وكان موقف رسام أن تسمية سريان خاطئة والشكل الصحيح هو الآشورية، لكنه فضَّل استعمال الكلدان، وحتى لايارد والى ما قبل سنوات قليلة فقط من الحفريات الآشورية كان دائماً يشير إلى النسطورية باسم الكلدان أو الكلدان النساطرة من أجل تمييزهم عن تلك الفئة المتحدة مع روما، وقبل الحرب العالمية الأولى أعطت البعثة الأنكليكانية المعروفة رسميا باسم “بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين” إلى تسمية النساطرة بالآشوريين زخماً جديدا وربطت بين النساطرة والآشوريين القدماء، والمسيحيين الآشوريين التي بالأصل تعني “المسيحيون من جغرافية آشور فقط” سرعان ما أصبحت تعني “الآشوريين المسيحيين”، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر بدء عدد قليل من المتعلمين والواعين سياسيا من النساطرة وخاصة أولئك الذين هاجروا إلى أمريكا، باستخدام كلمة Aturaye ( الآشوريين، الاثوريين) في كتاباتهم.
ملاحظة : اضاف السيد موفق نيسكو في خانة التعليقات ما يلي

 الدولة: 
عفوا نسيت ان اضيف المصدر الى النقطة رقم 3 والخاصة بعدد واسماء الملل في الدولة العثمانية
المصدر هو .(صبحي اكسوي، توما جليك، ترجمة د. محمد يوفا، تاريخ السريان في بلاد ما بين النهرين ص 297)
وشكرا
موفق نيسكو

Saturday, January 9, 2016

من هم الاشوريين ؟؟ ج1

كيف سمَّى الانكليز السريان الشرقيين النساطرة بالآشوريين( ج1 ).. بقلم: موفق نيسكو

 لا علاقة للآشوريين الحاليين الذين هم سريان شرقيين أو نساطرة بالآشوريين القدماء التي سقطت دولتهم سنة 612 ق.م.، ولم يرد اسم الآشوريون على السريان النساطرة في كل كتب التاريخ، لأن كنيستهم اسمها في التاريخ الكنيسة السريانية الشرقية أو المشرق أو الكنيسة الفارسية الساسانية، أو النسطورية، واسمهم واسم كل آباء كنيستهم في التاريخ هو السريان أو النساطرة، ولغتهم هي السريانية، وحتى في خضم الأحداث السياسية في القرن التاسع عشر فإن اسمهم في الوثائق المتبادلة بين الدول هو النساطرة أو أسماء قبائلهم وأشهرها تياري وتخوما أو القبائل المستقلة الجبلية (طورايا) أو وطن النساطرة أو الأمة النسطورية nestorian nation،  وأن الاسم الآشوري ظهر في القرن التاسع عشر  واقترن لأول مرة في التاريخ بصورة رسمية بأحد فروع الكنيسة فقط في 17 تشرين أول 1976م، أمَّا الفرع الآخر فاسمه كنيسة المشرق القديمة، وجميع الكتب التي أُلفت حديثاً من النساطرة الذين اعتمدوا الاسم الآشوري هي تبديل اسم النساطرة، السريان الشرقيين، أتباع كنيسة المشرق، التياريين، الجبليين، من كتب التاريخ إلى آشوري.
إن اسم الآشوريين أُطلق حديثاً على السريان الشرقيين النساطرة من الرحالة والمبشرين الانكليز الأنكليكان الذين أرسلهم رئيس أساقفة كارنتربري تحديداً، وأول من له علاقة بذلك هو الطبيب الانكليزي وليم آنسورث (1807–1896م) الذي قام في حزيران سنة 1840م برفقة المترجم العراقي عيسى رسام (1808–1872م)، بزيارة مناطق النساطرة في حكاري على رأس بعثة اسمها “بعثة استكشاف كردستان Expeditions For The Exploration Of Kurdistan وعلى حساب الجمعية الجغرافية الملكية Royal Geographical Society وجمعية تعزيز المعرفة المسيحية  Society For Promoting Knowledge Christian التي كان قد أنشأها الانكليزي توماس بري سنة 1698م، والتقى آنسورث مع بطريرك النساطرة شمعون أبراهوم (1820–1861م) والشعب النسطوري وملك تياري إسماعيل وتبادل الآراء معهم بشأن تعزيز العلاقات بين الكنيستين النسطورية والأنكليكانية، ووعد آنسورث بنشر التعليم المسيحي وإنشاء المدارس وجلب مطابع لترجمة الكتب الدينية المكتوبة باللغة السريانية، ثم قدَّم تقريراً لرئيس أساقفة كارنتربري والجمعيات حول أوضاع وأعداد النساطرة، ونشر أبحاثه في مجلة الجمعية الجغرافية الملكية منها: زيارة الكلدان القاطنين في كردستان الوسطى وراوندوز في صيف سنة1840م.
1840م  an account of visit to the chaldeans inhabiting central Kurdistan and of the peak of rowandiz in the summer of           والرحلات والبحوث في آسيا الصغرى وميزوبوتاميا الكلدان وأرمينيا Travels and researches in Asia Minor Mesopotamia chaldea and Armenia
ثم قام رئيس أساقفة كارنتربري William Howley (1828–1848م)، وأسقف لندن Charles James Blomfield (1824–1857م) بإرسال بعثة تمهيدية إلى النساطرة برئاسة القس جورج بيرسي بادجر (1815–1888م) خبير المطابع واللغات الشرقية، يساعده زوج أخته عيسى رسام لمتابعة العمل وعلى حساب جمعية المعرفة المسيحية وجمعية نشر الإنجيل The Society for the  propagation of The Gospel، فوصل بادجر أواخر 1842م حاملاً تحيات رئيس أساقفة كارنتربري وأسقف لندن، والتقى مع البطريرك السرياني الشرقي النسطوري أبراهوم أوائل سنة 1843م في قرية أشيتا (طورايا)، وبيَّنَ بادجر للبطريرك الفرق بين الأنكليكان والبروتستانت الذين كانت لديهم بعثات تبشيرية هناك، وحاول كسب البطريرك شارحاً له أن الأنكليكان أفضل من البروتستانت ونبَّهه من الانسياق ورائهم لأنهم يشرحون الكتاب المقدس كما يحلو لهم، وحثَّ بادجر البطريرك بالاعتماد على الكنيسة الأنكليكانية لتساعده روحياً وثقافياً لتستعيد الكنيسة الشرقية عزتها السابقة، فارتاح البطريرك لكلام بادجر وقال له إنه يحتاج بعض الوقت لدراسة تعاليم الأنكليكان والبروتستانت، وساند بادجر بعض كلدان الموصل الذين كانوا متمردين على بطريركهم نيقولاس زيعا فاستغل بادجر ذلك وحَرَّضَ الكلدان أكثر بهدف كسبهم إلى الكنيسة الأنكليكانية معتقداً أنه يكسب ود النساطرة في نفس الوقت. (المطران يوسف غنيمة، بطاركة الكلدان في الجيل التاسع عشر (مجلة النجم عدد 4 سنة 3/1930م، ص163)، والتقى بادجر مع البطريرك النسطوري خمس مرات لغاية 1850م، حصل خلالها على معلومات ومخطوطات سريانية كثيرة حول النساطرة، ونشر أبحاثه في كتاب طُبع في لندن سنة 1852م بعنوان النساطرة وطقوسهم Nestorians and their rituals The قال فيه إنه يجب على كنيسة انكلترا أن تساهم في مساعدة النساطرة روحياً.
بعدها جاء دور السياسي والآثاري الانكليزي هنري لايارد الذي قام من 1845م بعدة زيارات لاكتشاف آثار العراق، ولُقَّب لايارد”أبو الآشوريات وابن نينوى”، لأنه هو الذي أطلق على النساطرة لأول مرة اسم الآشوريين وساند لايارد عالم الآثار هنري راولنصون (1810–1895م) أبو الخط المسماري، ثم تعاون راولنصون ولايارد في إنشاء قسم الآشوريات لأول مرة في التاريخ في المتحف البريطاني الذي كان قد أُنشئ سنة 1753م، ولم يكن لايارد يعرف شيئاً عن الآشوريين في البداية إلاّ ما ذُكر عنهم في الكتاب المقدس والتاريخ عموماً، ولم يستعمل اسم الآشوريين بل النساطرة، ومنذ أن بدأ رحلته من حلب إلى الموصل يقول لايارد: يعيش بين السكان الأكراد عائلات من مختلف الطوائف المسيحية كالأرمن والكلدان والنساطرة، وقبل عدة سنين قامت مذابح بحق النساطرة، كما لم يكن يُفرِّق بين بابل وآشور وبين النساطرة والكلدان، إذ يقول في بداية رحلته من بغداد إلى مناطق النساطرة: “أجبرتني أحوالي الصحية للبحث عن مكان بارد ومنعش لأستريح فيه هرباً من حرارة الصيف، فقررت التوجه إلى الجبال التيارية المسكونة من قِبل المسيحيين الكلدان”، (لايارد، البحث عن نينوى ص15)، كما لم يكن يعرف لايارد شي عن اللغة الآشورية المسمارية القديمة وسَمَّاها في رسالة لوالدته في نيسان 1846م بلغة غبر معروفة أو الكلدانية، ثم كتبَ مذكراته سنة 1853م عن زياراته للشرق بعنوان “المغامرات المبكِّرة في بلاد فارس وبابل/انكليزي”.
عندما وصل لايارد إلى منطقة النساطرة الجبلين، لاحظ أنهم يمتازون بالبساطة في الاحتفالات والمراسيم الدينية على النقيض من الكاثوليك والطوائف الأخرى التي سمَّها خرافات وسخافات، لذلك فالنساطرة يستحقون حقاً أن يلقَّبوا “بروتستانت الشرق”، ( لايارد، السيرة الذاتية ج2 ص 108–175/انكليزي). ثم عَلِم أن مذابح كثيرة جرت بحقهم كان آخرها مذبحة بدر خان بك الكردي سنة (1843–1847م) التي ذهب ضحيتها الآف النساطرة، ولاحظ لايارد بأم عينه كيف يُعذِّب الأكراد النساطرة ويضربونهم بالعصي، وفوق كل ذلك انتبه أن النساطرة غير محبوبين حتى من الكلدان لأسباب عقائدية، وعلى إثر هذه الأمور بدأ لايارد يستعمل كلمة الآشوريين على النساطرة مفترضاً أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وخلال جولاته في مناطق النساطرة ذكَّرهم بالمأساة التي حلت بسقوط الدولة الآشورية، بعدها أصدر لايارد سنة 1849م كتابه “بقاياها نينوى أو البحث عن نينوى Nineveh and its remains” وحاز الكتاب على شعبية واسعة في انكلترا،  ولقي تجاوباً عميقاً في نفوس النساطرة حيث قال أنهم وبقايا نينوى صنوان وهي تمتاز بالكيف وليس بالكم ويجب إنقاذ الصفوة الآشورية الذي طالما تغنى به بدرخان وحلفائهُ وذلك بالتأثير على الباب العالي من خلال السفير البريطاني، ثم قامت مجلة الشهر الجديد اللندنية  magazine the new monthly بنشر مقال في عددها رقم (87–1849،344م)، قالت فيها “إنه يجب إنقاذ المسيحيين النساطرة ذو الماضي المجيد الذين هم أحفاد الآشوريين العظام، ومنذ ذلك الحين بدأت بريطانيا اهتمامها إلى النساطرة الآشوريين”، (الآشوريين في التاريخ، إيشو مالك خليل جوارو  ص153).
في 11 نيسان سنة 1852م قدَّم عالم الآثار الانكليزي هنري كريسوك رولنصون بحثاً إلى الجمعية الآسيوية الملكية بعنوان “تاريخ آشور المستقى من الكتابات التي اكتشفها لايارد في نينوى”، وبين (1854–1855م) وصلت إلى بريطانيا نحو (25000) قطعة أثرية من التي اكتشفها لايارد، وأحدث وصول هذه الكمية ضجة شعبية واسعة في انكلترا ألهمت خيال الناس، فالمتدينون أعجبوا بها بعد أن رأوا التشابه بينها وما ورد في الكتاب المقدس عن الآشوريين، وأنها جاءت شاهداً مُبيناً على صحة الكتاب المقدس، وأصبحت تُنشر الاكتشافات الآشورية مقرونة بآيات من الكتاب المقدس، ومن جهة أخرى جعلت هذه الآثار المسرحيات والقصائد والأساطير عن بلاد آشور صورة حقيقة على أرض الواقع، وصارت بلاد آشور موضوع الإنشاء المُفضَّل لطُلاب المدارس في انكلترا ومادة دسمة للكُتّاب  وراح قسم من الشعراء مثل ولتر سافج لاندر يتغنى بليارد واكتشافاته ويقول: سترتفع أغنيتي، ستردد في خرائب نينوى، لايارد! يا ذاك الذي أخرج المدن من التراب..الخ، وانتشرت القصص التي تتحدث عن قوة وشقاوة بابل وآشور مثل مغامرات حجي بابا لجيمس مورير وكتاب تسليات الليالي العربية (مأخوذة عن ألف ليلة وشهرزاد)، وقصيدة الشاعر جورج بايرون (1788–1824م) المنتشرة في انكلترا آنذاك بعنوان “هجوم سنحاريب” التي تقول إحدى أبياتها “هجم الآشوري كما يهجم الذئب على القطيع”، وغيرها.
كان رؤساء أساقفة كارنتربري قد تلقوا بين سنة (1844–1868م) رسائل كثيرة من النساطرة من بينهم ثلاثة مطارنة و 48  شخصية تدعوهم لمساعدتهم، وعلى إثر ذلك قام رئيس أساقفة كارنتربري Charles Thomas Longley (1862-1868م) بإرسال بعثة تمهيدية دينية سنة 1866م، قابلت البطريرك النسطوي في جوله مرك وبعض الأساقفة، وقد وجدت البعثة أن الشعب جاهل وحتى الأساقفة لا يجيدون القراءة والكتابة، وأن رجال دينهم أعرف بأقسام البندقية من الأمور الدينية، ومع ذلك فهم يتفانون من أجل معتقدهم.
ثم قام رئيس أساقفة كرنتربري كامبيل تايت Campbell Tait (1868–1882م) بتشكيل لجنة دائمة برئاسة إدورد لويس كوتس E.L.Cutts (1824–1901م) وإرسالها سنة 1876م لتفقد وضع النساطرة في جبالهم شمال تركيا والعراق وإيران، ومحاولة استمالتهم لتبديل مذهبهم، وفي الرسالة التي وجهها رئيس أساقفة كارنتربري إلى بطريرك النساطرة روئيل بنيامين (1860–1903م) قال: إن الهدف من إرسال البعثة هو تدعيم الكنيسة القديمة والاستنارة بها. وتحملت جمعية نشر المعرفة المسيحية نفقات البعثة، فقام كوتس بجهود تبشيرية كبيرة، وعمل إحصاء نُشر سنة 1877م بعنوان “المسيحيون تحت حكم الهلال (المسلمون) في آسيا”Christians under the Crescent in Asia، وقدم تقريره إلى الجمعية موضحاً فيه أن المرسلون الأمريكان يقومون بأعمال غير حكيمة بين النساطرة، واستاء الأمريكان من إشاعة مفادها أن كوتس اتفق مع البطريرك النسطوري على حصر تبشير النساطرة الجبلين بالانكليكان فقط.

سنة 1881م تأسست إرسالية باسم بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين   Mission Archbishop of Canterbury to the Assyrians  وهي أول مرة في التاريخ تُطلق كنيسة ما على النساطرة اسم الآشوريين، وانتظمت البعثة سنة 1886م بوصول الراهبين جون ماكلين ووليم بروان الذي أصبح مقرَّباً للبطريركين روئيل بنيامين وبنيامين إيشاي (1903–1918م)، وقام بجهود كبيرة في تعليم القراءة والمبادئ الدينية إلى وفاته سنة 1910م، وأحبَّ بروان النساطرة كثيراً واكتسب تقاليدهم فجاراهم في مأكلهم وملبسهم مفترشاً الأرض مثلهم وبدا وكأنه رجل دين من القرون الوسطى، وكان من بين طلابه سورما وبنيامين، ويقول ميشيل هورنس +1982م المختص بتاريخ الشرق إن الراهب براون هو الذي لَقَّب سورما (1883–1975م) “lady أي السيدة”، (بعثة رئيس أساقفة كارنتربري للآشوريين، الدراسات الشرقية الآشورية 1967م، ص20–21)، وفي سنة 1890م وصلت اروميا راهبات من بيث عنيا sisters of bethany برئاسة مايلدرد ومساعدتها جوانة وكذلك ماري ومارثا وأخريات قمن بتعليم البنات الدين واللغة السريانية والجغرافية والتدبير المنزلي وغيرها.
استمرت البعثات الأنكليكانية بحيث لم تكن مناطق النساطرة تخلو من أعضاء بعثة كرنتربري إلى الآشوريين (وليم ويكرام، مهد البشرية ص 218)، ولم تنجح تلك البعثات بإقناع النساطرة بترك مذهبهم، لكنها نجحت بإقناعهم بعدم لياقة الاسم النسطوري وإن تسميتهم بالآشوريين ترفع من منزلتهم التاريخية في الأواسط العالمية (احمد سوسة، ملامح من تاريخ القديم لليهود العراق ص59)، وأخذت التسمية الآشورية تلقى اهتماماً كبيراً من الكُتّاب والمبشرين والسياسيين الانكليز في بداية القرن العشرين مثل، تيرو دانغان الذي زار سنة 1912م النساطرة وقام بترجمة الوصف الملحمي للملك الآشوري سرجون الثاني، وآرثر جون ماكلين (1858–1943م) الذي لعب دوراً ثقافياً وألّف سنة 1895م كتاب قواعد اللهجة السريانية الشرقية المحكية للنساطرة ووضع قاموساً لها سنة 1901م، والعقيد مونسيل قنصل بريطانيا في وان الذي تجول في المنطقة سنة 1900م وأصدر أكثر من كتاب حول النساطرة، ومس بيل (1868–1926م) مستشارة المندوب السامي البريطاني، والعقيد ستافورد صاحب كتاب مأساة الآشوريين سنة 1935م، وغيرهم.
وأهم الذين روجوا للاسم الآشوري هو وليم ويكرام (1872–1953م) الذي أرسله رئيس أساقفة كارنتربري سنة 1898م، وبقي هناك 24 سنة، واتخذ قرية بيباد غرب العمادية مقرَّاً لبعثة كارنتربري، وأقام علاقات مع البطريرك والشعب وأتقن اللغة السريانية وأسس مدرسة في قوجانس كان البطريرك بولس إيشاي (1918–1920م) أحد طلابها، وتمتع بمكانة خاصة لدى النساطرة لأنه ساعدهم كثيراً لدرجة أن قام بعض الكلدان سنة 1910م بتقديم عريضة له راجين منه نقلها إلى رئيس أساقفة كارنتربري يطلبون فيها تمكينهم العودة إلى الكنيسة النسطورية، وبناء على تطلعات الكنيسة الأنكليكانية واستجابةً لرغبة البطريرك بنيامين إيشاي الَّف ويكرام سنة 1909م كتاباً سَمَّاه “مقدمة في تاريخ الكنيسة الآشورية أو كنيسة الإمبراطورية الساسانية الفارسية”، وكان إهداء الكتاب إلى البطريرك نفسه، ويبدو من صيغة اسم الكتاب أن ويكرام كان ذكياً وحاول التوفيق بين توجهات الأنكليكان ورغبات البطريرك من جهة وبين الاسم التاريخي الدقيق من جهة أخرى، فركّز على الاسم الساساني الفارسي أكثر من الآشوري، لأنه يعلم أن هذه الكنيسة سُميت الفارسية في عهود كثيرة، ولم يرد اسم الكنيسة بالآشورية في المصادر التاريخية إطلاقاً، أمَّا سبب تأليف ويكرام للكتاب فيقول مُقدِّم الكتاب (van): إن هذه الكنيسة عُرفت في التاريخ باسم الكنيسة الشرقية أو السريانية أو الكلدانية أو النسطورية، وهذه مشكلة للقارئ الانكليزي الذي لا يُفرِّق بين الكنيسة الشرقية كالروسية واليونانية وبين الكنيسة الشرقية النسطورية (ويكرام، الكتاب المذكور، طبعة انكليزية 1909م، ص3)، ثم عدَّ ويكرام في كتاباته أن النساطرة هم أحفاد الآشوريين القدماء سالكاً طريقة الدكتور غرانت التي عدَّ فيها أن النساطرة هم أحفاد الأسباط العشرة من اليهود المسبيين إلى آشور، واستدلَّ على ذلك بمقارنة صور الإنسان الآشوري القديم على الألواح الأثرية وبين ملامح أحد كهنة النساطرة بلحيته في الوقت الحاضر، وعلى لغة وتقاليد النساطرة وغيرها، والمهم أن ويكرام لم يستعمل الاسم الآشوري للدلالة على النساطرة قبل بداية الحرب سنة 1914م، باستثناء كتابه أعلاه بل كان يستعمل دائماً الاسم النسطوري والسرياني وأسماء العشائر مثل التياريين وجيلويا، ويُسمِّي قراهم بالمسيحية أو النسطورية، وعدَّ أن الكنيسة النسطورية هي سريانية شرقية أساساً، وهذا اللقب أسنده لها مسيحيو أنطاكية والقسطنطينية ليميزوا منطقتهم في مملكة الساسانين عن الإمبراطورية الرومانية. (ويكرام، مهد البشرية أو الحياة في شرق كردستان ص 168،100،94،70،68 ،219/1920م)، ويجب ملاحظة أن اسم الكتاب شرق كردستان وليس آشور، وفي هذا الكتاب لم يستعمل ويكرام الاسم الآشوري في الفصول الستة عشرة الأولى التي نُشرت سنة 1914م، بل استعمل الاسم النسطوري مئات المرات بما في ذلك قوجانس والعمادية معقل القبائل النسطورية، وينطبق هذا على صور  الكتاب إذ أن صور الفصول الأولى لا تحمل الاسم الآشوري بينما الفصول الأخيرة تحمل ذلك، والسبب سياسي وهو وقوف النساطرة إلى جانب الانكليز في الحرب ولذلك بدأ ويكرام يستعمل الاسم الآشوري بشكل مُركّز للدلالة على النساطرة في كتابه “حليفنا الصغير The smalles ally سنة 1920م، مقتبساً التعبير من رئيس أساقفة كارنتربري Randall Davidson (1903–1928م) الذي استعمله إبان الحرب في خطابه أمام مجلس العموم البريطاني حيث استعمل تعبير (حلفاؤنا الآشوريون) إشارة إلى النساطرة. (يوسف مالك، الخيانة البريطانية للآشوريين ص62)، علماً أن كتاب حليفنا الصغير أُضيف كجزء 17 إلى كتاب مهد البشرية عندما طُبع سنة 1920م.
بسبب الحرب نزح إلى العراق سنة 1918م هرباً من أرمينيا وإيران وتركيا حوالي (35000) نسطوري و (15000) أرمني، وقام الانكليز بإسكانهم في مخيمين الأول قرب بعقوبة (مخيم الآثوريين)، والثاني قرب الموصل (مندان)، وكان مخيم بعقوبة بإمرة الجنرال هنري اوستن وتحت إمرته آمر سرية الحماية جورج ريد الذي ساعد الآشوريين سياسياً وقومياً، فأتقن لهجة النساطرة السريانية،  وألّف كتاب البعثة التبشيرية لرئيس أساقفة كارنتربري لدى الآشوريين، وتم تعيين ويكرام لمساعدة اللاجئين، فاقترح على رئيس أساقفة كارنتربري إعادة فتح الإرسالية التي توقف نشاطها مؤقتاً بسبب الحرب على أن تُفتح في مدينة الموصل، لكن المندوب السامي البريطاني برسي كوكس رفض الفكرة،  وعلى إثرها أُنهيت خدمات ويكرام وغادر العراق في آذار سنة 1922م، وصدر له كتاب آخر  سنة 1929م بعنوانThe Assyrians And Their Neighbours, وترجمه الآشوريين “الآشوريون وجيرانهم” بينما ترجمه السريان “السريان وجيرانهم”.
المصدر

 قريباً الجزء الثاني ... 

Monday, January 4, 2016

دلائل تورط حكومة اردوغان مع تنظيم داعش ..



                              أردوغان وداعش، علاقات غامضة

تركيا توسع في سوريا لضرب الكورد وليس داعش

بقلم ـ (جاسم محمد) ، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات
ألمركز الأوربي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

قررت تركيا يوم  23 يوليو 2015  إقامة جدار باستخدام القوالب سابقة التجهيز على امتداد جزء من حدودها مع سوريا وتعزيز سياج من الأسلاك وحفر خنادق إضافية بعد أن فجر انتحاري ينتمي الى تنظيم داعش نفسه فقتل 32 شخصا أغلبهم طلبة في بلدة حدودية (سروج). وأضاف التقارير أنه سيتم تركيب أنوار كاشفة على امتداد 118 كيلومترا وسيجري إصلاح طرق الدوريات الحدودية كل ذلك بتكاليف تبلغ نحو 230 مليون ليرة (86 مليون دولار) . هذه الخطوات تأتي في اعقاب عملية انتحارية في بلدة "سروج" نفذها تركي عمره 20 عاما سافر إلى سوريا العام 2014 بمساعدة جماعة تربطها صلات بتنظيم داعش وفقا لتصريحات مسؤولين اتراك.  وضمن ردود الافعال فقد كشفت التقاريرإخبارية يوم 23 يوليو 2015 بأنه من المتوقع أن تقوم تركيا خلال أيام بفتح قاعدة "انجرليك" الجوية أمام طائرات التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة" وذلك بعد اتصال هاتفي مابين أردوغان وأوباما. وقال البيت الأبيض يوم 22 يوليو 2015 ، أن تركيا  “حليفٌ حيوي في الحرب ضد داعش، وأن واشنطن تقدّر الدعم القوي الذي تقدّمه أنقرة للتحالف في مختلف المجالات." هذه التطورات تاتي على خلاف العلاقة النمطية مابين تنظيم داعش وتركيا منذ عام 2011 ولحد الان، فتركيا تعيش حالة تعايش ومهادنة علنية مع تنظيم داعش، ان لم تكن متورطة هي بدعم التنظيم . 

دلائل تورط حكومة اردوغان مع تنظيم داعش:

Friday, January 1, 2016

«اللي شبكنا يخلِّصنا»



  تحت عنوان 


داعش: المسؤولية الأمريكية «اللي شبكنا يخلِّصنا» 


كتب (خير الدين حسيب ) وهو رئيس اللجنة التنفيذية ورئيس مجلس أمانة "مركز دراسات الوحدة العربية " مقالاً مفصلاً عن الأسباب التي اوجدت داعش رافضاً تسميتها بالدولة الإسلامية لأن داعش لا اسلامية ولا هي دولة حسب تعبيره . اضافة الى الأسباب التي ادت الى احتلال العراق .

ومن خلال سياق كلامه اوضح  حسيب قائلاً : وفي ما يتعلق بتحديد «مسؤوليات» إنشاء داعش وتمكينها، فإنني أعتقد أن النقاط التالية تصب في جوهر هذا الموضوع من وجهة نظري:
 قام الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الأبن بغزو العراق عام 2003
من خلال اقناع الراي العام بارتباط العراق بالقاعده اولاً ومن ثم امتلاكه لاسلحة الدمار الشامل  ثانياً ولكنه تم اثبات عدم صحة هذه الإدعائات فيما بعد حيث أنشأ مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة بعد الاحتلال لجنة تحقيق حول الموضوع باسم «اللجنة المختارة للاستخبارات» للتحقيق في تلك المزاعم، وقام تقرير اللجنة بتفنيد هذه الادعاءات  وأثبت عدم صحتها. حيث كان واضحاً في كلا التقريرين أن تنظيم القاعدة، الأب الشرعي لداعش، لم يكن موجوداً في العراق قبل احتلاله من قبل إدارة بوش في عام 2003، وأن تنظيم القاعدة، ومن ثم وريثه داعش، لم يزدهر في العراق إلا أثناء الاحتلال الأمريكي.
كما ويتطرق الى اسباب غزو العراق للكويت موضحا الأسباب الرئيسة التي ادت لذلك الغزو 
كما ويتطرق الحسيب في مقاله الى عدة امور غايه في الأهمية تخص الأنظمة العربية  واضعا النقاط على الحروف في اغلب مواضعها
كما يذكر الأسباب التي ادت الى احتلال العراق عام 2003 من قبل الولايات المتحدة 
وللأطلاع على  المزيد من التفاصيل :  انقر هنا