Sunday, November 9, 2014

مفهوم الحضارات .!!



  عراقي حر : 

  الحضارة في مفهومنا العام ، هي ثمرة كل جهد يقوم به الانسان لتحسين ظروف حياته، سواءً أكان الجهد المبذول للوصول الى تلك الثمرة مقصودا ام غير مقصود ،وسواءً اكانت الثمرة مادية ام معنوية .  

 فطالما تباهينا وتفاخرنا عند سماعنا او قراءتنا عن حضارة اجدادنا البابليين والسومريين وكل الحضارات السابقة التي بنيت بايدي الضعفاء والمساكين من اجل تعظيم وتمجيد الملوك والسلاطين .
  نعم ، البابليين والسومريين  والكلدانيين والاشوريين الاوائل هم  اصحاب الحضارة التي بنت وانجزت كل ما توصلت اليه من علوم واختراعات لتكون لبنه في ازدهار حضارتنا الحالية . ولكن .. هل تساءل احدنا إن كان ما قدمته هذه الحضارات كان من اجل الانسان وخدمة منهم للانسانية ،ام من اجل مصالح شخصية تخدم نزعات ونزوات تلك الملوك والسلاطين ؟ .

 بكل بساطة نستطيع ان نقول أن ما انجزته تلك الحضارات من اختراعات ونظم وقوانين لم تكن من اجل الانسان وأنسانيته ، بل كانت لاجل حاجة الملوك والسلاطين والامراء انذاك المصابين بجنون العظمة إرضاءً لنزواتهم وشهواتهم ومن اجل مجدهم فقط . 
  
  فالعجلات التي استطاعوا ان يخترعوها ، سخروها لعربات احصنتهم التي كانوا يستخدمونها في غزواتهم وحروبهم من اجل 
الاسراع ببطش اعدائهم ، ولم نسمع او نقرا انهم استخدموها لخدمة شعوبهم بصنع مركبات تنقل الانسان من منطقة الى اخرى. 
   

واما علماء الفلك في زمنهم لم يستخدموا الفلك  لمعرفة اسرار الكون كي يتفادوا كوارثه ولانقاذ البشريه من بطش الطبيعة ، ولم يكلفوا انفسهم في دراسه هذا العلم لنشر اسرار المجرات او دراسة  اغوارها من اجل ان تستفاد منها البشرية ،  بل كان من اجل معرفة حركة النجوم والكواكب لمعرفة اتجاهاتهم  ولكي يستخدموها في حروبهم كي لا يظلوا الطريق اثناء رحلاتهم الطويله وهم في طريقهم سواء البري او البحري لغزوا اقوام اخرى . 

   
وعندما استخدموا الكتابة لم يستخدموها من اجل تعليم شعوبهم القراءة والكتابه كنوع من التثقيف لغرض التحصيل العلمي كما يحدث في زمننا هذا ، بل استخدموها وعلموها لبعض الافراد كي يدونوا عظمة اولائك الملوك ومدى قدرتهم في بطش اعدائهم الذي لم يكن هذا العدو  سوى الانسان البسيط الذي لم يكن في مقدوره رفض اي امر يصدر من قائده او سيده فإن فعل فقد يكلفه ذلك حياته . وما حفظهم لكتب علومهم الا كنوع من نشر اساطيرهم  تلك المبالغ فيها . 
  

وحتى بنائهم لبرج بابل العظيم او الجنائن المعلقة التي تعتبر من عجائب الدنيا كانت من اجل خدمة الانسان ، بل كانت ارضاءً لميولهم ونزواتهم المجنونة ، فبناء برج بابل لم يكن ليعلنوا انهم اول من صنع ناطحة سحاب انذاك  كبناء عامودي ليوفروا مساحات من الارض لغرض استخدامها في الزراعة او لتكفي ببناء منشآت اخرى لتخدم الانسان ، بل ارادوا من خلاله الوصول الى الله ليكونوا اقرب اليه ويحدثوه .!  واما الزقورة او الجنائن المعلقة لم تكن حدائق شعبيه يستطيع الفرد البسيط منهم ان يتمتع بها خلال راحته اونهاية عطلته الاسبوعية بل كانت حدائق ملوكية بامتياز لا يستطيع الانسان البسيط حتى الاقتراب منها ، لذلك بنيت بطريقه اعجازية . وحتى الاهرامات لم تبنى لاجل اعلاء شان حضاري لانسان تلك الفترة ليثبت للبشر من بعدهم انهم استطاعوا ان ينجزوا في زمانهم ذاك ما يعجز الانسان الحالي بكل وسائل تقنياته وعلومه ان يعرف حتى طريقه بنائها . لا ، بل لاجل جعلها قبور تحفظ جثث ملوكهم بعد موتهم لايمانهم بحياة جديدة  ولو بعد حين ، يعني ايضا لاجل تعظيم الملوك  الذين لم يعرفوا في حياتهم غير الظلم والانانية واحتقار الناس



 اما وضعهم للتقويم فهو ايضا لم يكن من اجل تنظيم حياة البشر ومعرفه مواعيده المهمة كي لا يفوته موعد محدد او ما شابه ، بل كان من اجل تخليد امجاد الملوك والاحتفال بها بمواعيدها لاجل تقديم الطاعة والولاء للملوك ، فلم نقرا يوما عن مناسبة شعبية بحته يحتفل بها البسطاء من الناس ، فكل الاعياد والمناسبات هي للملوك والسلاطين والاله .


 وحتى حين صنعوا الآت الموسيقية بانواعها ، لم تكن لاجل الترفيه عن شعوبهم التي استغلوها ابشع استغلال بتنفيذ مشاريعهم واحلامهم ، بل كانت لاجل احياء ليالي الملوك الحمراء في مناسباتهم التي كانوا يحتفلون بها بعد كل حرب يخوضونها ارضاءً لشهواتهم فقط . فلم نقرا او حتى نسمع عن احياء حفلات في صالات عرض او مسارح يرتادها الانسان البسيط بعد عناء العمل المضني في نهاية الاسبوع او في المناسبات الشعبية . وحتى رسومهم ونحتهم لا تتعدى رسم الاسد الذي يمثل القوة والبطش ،  او الملك بزيه العسكري ،او قوسه وسهمه الذي يستخدم في الحرب .  فلم نشاهد نحتا يخلد عالم فلك او مخترع اله او غير ذلك  فكل شيء من اجل الملك  او الاله ولا شيء سواه . 


  وحتى الصناعات التي قدموها لم تتجاوز الآلات الحربية  والسفن القتالية التي استخدموها في حروبهم سواء البريه منها او البحرية  فقط .  فاما هي القوس  او السهم او السكين او السيف او السفينة  .. ولانهم لم يستخدمو الجو في معاركهم والا لكانت الطائرات والصواريخ الحالية هي من ابتكاراتهم او اختراعاتهم ايضا . 
  

 حتى النظم الادارية والقوانين التي وضعوها لم تكن من اجل تنظيم حياة شعوبهم ولاجل رفاهيتهم ، بل كانت من اجل اخضاع هذه الشعوب لسطة وملكية الملوك وعدم التجاوز على ممتلكاتهم التي كانت اساسا هي من ضمن املاك امبراطورياتهم  ومملكاتهم التي شغلت مساحات شاسعة   ... فهم كانوا حقا اقطاع وشعوبهم كعبيد ............... ولا زال الحال الى يومنا هذا  . 


  ملاحظة : لم اكتب هذا للطعن بالحضارات القديمة . بل للقول ان تلك الحظارات لم تكن من اجل الانسان بصورة عامة بل من اجل الملوك والاله والسلاطين والامراء والقادة ، اي انهم لم يصنعوها خدمة للبشريه بل خدمة لهم ولآلهتهم  فقط .