Wednesday, May 30, 2012

بدر شاكر السياب



مره اخرى نبتعد عن السياسه رغم الصراعات  والتتداعيات السياسيه والاقتصاديه  وحتى الفكريه لنتجه صوب الراحه النفسيه التي لابد منها لنسترجع شي من قوانا وراحه اعصابنا باستذكار عظماء من بلادي. وهذه المره نستذكر معاً
 شاعر انشوده المطر .شاعر العراق والعرب  وشاعر النخيل  . ورائد الشعر الحر.. هذه الالقاب لشاعرنا الكبير
                              بدر شاكر السياب
 


ولد الشاعر بدر شاكر السياب سنة 1926

في قرية جيكور التابعه لقضاء ابي الخصيب

جنوب شرق مدينة البصره، عاش طفولته في

قريته وبين أشجار النخيل ونهر بويب الصغير

والذي كان يمر بتلك المنطقه..توفيت امه وهو

في سن 6سنوات اثناء ولادتها لابنها الثالث ..

أحس بدر الصغير بفقدان أمه،الصدر الحنون

وهو بعد طفل لايعرف من الدنيا الا القليل،

عاش واخويه بعد ذلك في بيت (جدته) لابيه

في نفس القريه..يدخل بدر المدرسه الابتدائيه

في قرية باب سليمان المجاوره حيث كان

يذهب اليها مشيآ على الاقدام بين ممرات

الطين خلال بساتين النخيل والانهر الصغيره

المحيطه بالمنطقه ..وقد اثرت هذه المناظر

في مخزونه الشعري والفكري خلال مرحلة

شبابه فيما بعد..بعد ذلك انتقل الى مدرسة

المحموديه في (ابي الخصيب) والتي شيدها

احد اعيان المنطقه (الجلبي) والتي كانت

بجانب قصره المهيب….كان بدر يمر كل يوم

على هذا القصر الذي تزينه الشرفات الخشبيه

والزجاج الملون والذي يعرف ب(الشناشيل)

فيتوقف قليلآ ويسرح ببصره على الشبابيك

الخشبيه عله يلمح احدآ من ساكني البيت!!

هذا وضَمن السياب وصف القصر بأحدى

قصائده!. بدأ بدر في هذه السن المبكره

في نظم اولى قصائده الشعريه حول

عالمه وقريته جيكور ودار جده الكبير

والذي بات مهجورآ فيما بعد والذي اسماه

باحدى قصائده ب(منزل الاقنان!) .كما

كان يتصور في هذه المرحله الطبيعه

الجنوبيه لاشجار النخيل والاشباح التي تسكن

الخرائب والطرقات المظلمه والملتويه…

وبعد ان عاش بدر في كنف جدته الحنون،

توفيت ايضآ في مطلع عام 1942 ..

و كان لموتها الاثر الكبير عليه مع تفاقم

الديون على اسرته وبيعها لمعظم املاكها

مما زاد من لوعته وسخطه على الظروف

المحيطه..تخرج بدر من الثانويه في البصره

وانتقل الى بغداد اثر قبوله في دار المعلمين

العالي وذلك في سنة1943 حيث اختار قسم

اللغه العربيه التابع لكلية التربيه….

في بغداد انفتح العالم امامه بكل مبهجاته

وشروره ومغرياته!!والحريه التي كانت تعم

جوانبه…وخلال دراسته في الكليه اصدر

ديوانه الاول(ازهار ذابله)…أنضم سنة 1945

الى جماعه شعريه تدعى (عبقر) وكانت

الجماعه تنظم الحفلات والاماسي الشعريه

ومن ضمن اعضائها الشاعره الكبيره نازك

الملائكه والدكتور المطلبي…هذا وقد تعرف

السياب خلال هذه الفتره على عبد الرزاق

عبد الواحد وعبد الوهاب البياتي….وكانوا

غالبآ ما يلتقون في احدى مقاهي بغداد

مثل(مقهى الزهاوي) (والبرازيليه) في

شارع الرشيد..وتزداد شهرة بدر بين طلاب

الكليه ويتناقل قصائده الزملاء والزميلات

…بعد فتره انتقل الى قسم اللغه الانكليزيه

حيث تعرف على أهم اشعار اليوت وبودلير

واخرين….. كان السياب خلال تلك الفتره

ثوريآ يساريآ قبل ان يتحول الى التيار القومي

فيما بعد،حيث انتمى الى احد الاحزاب اليساريه

مما ادى لاعتقاله وذلك خلال عام1946 لفتره

وجيزه..وفي عام1947 وكما اشرنا صدر اول

دواوينه والذي حاول به ان يكتب الشعر العمودي

وان يجدد في طريقة كتابة القصيده العربيه..

مما شكل نقلتآ نوعية في تاريخ مسيرة الشعر.

بعد انقضاء سنوات الدراسه تخرج وعين مدرسآ

في احدى المدارس بمدينة الرمادي غرب بغداد.

استمر خلال هذه الفتره يكتب القصائد المختلفه

ويرسلها الى الصحف البغداديه….

اعتقل مجددآ ومنع من ممارسة التدريس لمدة

عشرة سنوات!وذلك لافكاره اليساريه المعارضه

للحكومه انذاك .عاد الى قريته جيكور وعمل في

البصره لفترةقصيره…بعدها عاد الى بغداد واخذ

يتنقل من عمل لعمل ! حيث ذاق خلالها مرارة

الملاحقه والعيش! لكن اصدقاءه ساعدوه كثيرآ.

نشر ديوانه الثاني(اساطير)سنة 1950..بدأ بعدها

بنشر مطولاته من القصائد بالطريقه العموديه

والمقفاة…ولما تفاقمت عليه المشاكل سافر الى

ايران ثم انتقل باحد المراكب الى الكويت….

حيث عاش حياة اللاجيء الذي يحن الى وطنه

الغريب المستباح من قبل الانكليز..وفي عام

1953 عاد الى بغداد وعمل موظفآ في وزارة

التجاره وفي نفس الوقت كان يكتب وينشر

القصائد الشعريه…تزوج عام1955من أحدى

قريباته (أقبال) حيث كانت تعمل معلمه في

احدى مدارس مدينة البصره..

نشر في العام نفسه ترجمه لاعمال شعراء

عالميين باللغه الانكليزيه….

وفي العام1956 كانت فرحته بولادة ابنته

البكر غيداء التي اصبحت مهندسه فيما بعد

عمل في عام 1957 في جريدة (شعر)

اللبنانيه لصاحبها يوسف الخال ،دعي الى

بيروت عدة مرات لاحياء اماسي شعريه

وبشكل دوري والتقى خلالها بالشاعر

أودنيس واخرين ….كما كتب اثناء هذه

المرحله عدد من القصائد المطوله

والاسطوريه مثل (سريروس في بابل)

و(مدينة السندباد)..كما ولد له في هذه

السنه ابنه البكر غيلان حيث اهدى له احدى

قصائده…

في العام 1958 قامت ثورة 14 تموز واستلم

الجيش السلطه بعد ان تم قتل الملك وجميع

افراد عائلته..واثر تسلم الجيش السلطه بقيادة

عبد الكريم قاسم،اندلعت الخلافات والصراعات

على السلطه بين الاحزاب اليساريه والقوميه..

فصل السياب من وظيفته للمره الثانيه اثر

تلك الخلافات……

وعند حلول عام 1960 ذهب مجددآ لبيروت

لنشر مجموعته الشعريه، وايضآ فازت قصيدته

(انشودة المطر) كاجمل قصيده عموديه…هنــــــــــــــــــــــــــــا

عاد بعدها لمدينته البصره ليعمل من جديد

في مصلحة الموانيء العراقيه..بدأت صحته

تتدهور نتيجة حالته النفسيه السيئه وقلة

الاموال لديه والملاحقات والامراض التي بدأت

تفتك به ،حيث اخذ يجد صعوبه في تحريك

ساقيه! ثم انتقل الالم الى باق جسده الهزيل!

في عام 1961 ولدت ابنته الالاء في وقت

تدهورت فيها احواله الماديه والنفسيه!واخذت

نوبات الالم تزداد عليه ،حيث اصبح مقعدآ

غير قادر على المشي بمفرده..نقل الى بيروت

للعلاج سنة 1962في مشفى الجامعه الامريكيه

هذا ولم ينقطع شاعرنا خلال هذه الفتره

من قصائد بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب
 
قصيدة(انشودة المطر)

عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،

أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .

عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ

وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ …كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ

يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ

كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ …

وَتَغْرَقَانِ في ضَبَابٍ مِنْ أَسَىً شَفِيفْ

كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء ،

دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف ،

وَالمَوْتُ ، وَالميلادُ ، والظلامُ ، وَالضِّيَاء ؛

فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء

كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !

كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ

وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر …

وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،

وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر

أُنْشُودَةُ المَطَر …

مَطَر …

مَطَر…

مَطَر…

تَثَاءَبَ الْمَسَاءُ ، وَالغُيُومُ مَا تَزَال

تَسِحُّ مَا تَسِحّ من دُمُوعِهَا الثِّقَالْ .

كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :

بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ

فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال

قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -

لا بدَّ أنْ تَعُودْ

وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ

في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ

تَسفُّ مِنْ تُرَابِـهَا وَتَشْرَبُ المَطَر ؛

كَأنَّ صَيَّادَاً حَزِينَاً يَجْمَعُ الشِّبَاك

وَيَنْثُرُ الغِنَاءَ حَيْثُ يَأْفلُ القَمَرْ .

مَطَر …

مَطَر …