Saturday, October 26, 2013

يسألوني الأغراب عن وطني

  وصلتني على بريدي الالكتروني  رسالة من الأخ " ابراهيم الصفار"  يُعبّر فيها عن خَلجاته بكل صدق وروح وطنية عالية ممزوجه بعبراته الدافئه بدفء روحه الغالية . فقرر من خلالها فضفضة ما يدور في داخله من مشاعر وأحساسيس تجاه وطنه الجريح ( العراق )  بعد ان غادره راغماً لا راغب ، كما هو حال اغلب الشرفاء اللذين تركوا وطنهم في رحلةٍ الى غربة قاسية ،  وفيها شيئاً من محاولاته كما اسماها متمنيا ان تنال إعجابي . 
  فهل لمثل قوة كلماتك ورقة احاسيسك هذه تحتاج لإعجاب فقط ؟؟  لا بل كلماتك هذه ترقى لأكثر من إبداع . فكلماتك اخي ابراهيم تُترجِم ما في داخلك من نُبل وخُلق ومواطنة اقل ما يقال عنها انها غاية في الرِّفعة . وكلي ثقه بانها ستنال إعجاب الجميع 
  ووفاءً مني لنبلك وتقديراً لجهودك   قررت نشرها في المدونة .. مع تحياتي 

  ملاحظة : الأخ ابراهيم له تجربة شخصية مع مجمع المواد الغذائية لوزارة التجاره يود أن يكشف فيها ماحصل في هذه المخازن من تجاوزات قبل وبعد الغزو الأنكلو امريكاني للعراق في 2003 وسيكون الجزء الأول من تجربته هذه على المدونه في وقت قريب إن شاء الله 
               
                                  
أنا لستُ بشاعر ولكنَّي عراقيّ ومازال أحساسي بالظلم والقهر منذ أن دَنَّسـت جيوش
الأحتلال والمرتزقة بدباباتهم أرض العراق
الطاهرة وتبعهم أشباه الرجال ووطأت أقدامهم شوارع بغداد العروبة فسقطَ الدُعات
 الكاذبون بالحرية والسلام وسقطت
 معهم الأنسانية جمعاء الى حضيض البربرية فلم ولن تسقـــط بغـــداد .. فكتبتُ
بعضاً عن مُعاناتي وأحساسي بالقهر.. إبراهيــم الصفــــار
يَســألوني في بلادِ المهجرِ عَـن وطني
وعَـن مُسحَةِ الحُزنِ وأسبابُ أغتـِرابي
ويتطلعونَ بوجهي وبلون عيوني ويتكهنون
إن كنتُ شرقياً أو رُبما أسباني
فأخبرهـم بأني نخلـةٌ عراقيةٌ جـذوري في البصرةِ الفيحاء وتمتـدُ لحدباءِ
وسَـعفـيَّ يُرفرفُ في الكـوتِ ويسطعُ بشمسِ بابل ويعشـقُ نسيمَ بيخالِ
وطني بلاد الرافدين وأرتويتُ من دجلةِ ومن نواعير حديثة عذبُ فُراتي
رُطبي في ذِي قارِ تَصفـرُّ وسامراءُ تنتظرُ الشَهدَ بشوقِ عاشقٍ بِنيسانِ
تأريخُ حضـاراتي بصمة ألله فوق أرضـه من ســومرِ وبابـل و كِلـدانِ
ومِن بحورِالعلمِ والقرطاسِ رَفدناكم وعلّمناكم
الحَرفَ وسَمّوتم للعُلى بِمَسَلةِ حامورابي


ويسألوني عـربيٌ أنتَ أم كُـردي أو رُبما مَسيحياً ؟ مُسلماً ؟ شيعــيٌ أنتَ أم سُنــيّ؟
 
فأكُفكفُ دمَعتـي وألُوـذُ بِآهةٍ لوصفهمُ وكيـف أردُ
لِمن لا يعـرفُ بَعشـيقةَ ودِيرَ مَتّي ولا العَشــاري
ولا مَن قـد لوّحته شُعلة الشمـس بتموزِها ولا أرَتشَـفَ
بِكفـهِ من جُرفِ سَــدِّ ثِرثاري
مينائـي في أُمِ قصرٍ أسـاورَ فضةٍ للعاشقاتِ وقصبُ البردي
بِأبوذيـةٍ يَضـمُ المشحوفَ بأهـواري
ونسـائمُ نوروزَ تُعانقُ مآذن المساجدِ وقِبابُها وأجراسُ
الكنائسِ تصدحُ بِنشـوةِ حمامَـةٍ بَبغـداد


عـراقيٌ أنا عَـربيُ الجُودِ والكَرمِ من طباعي والقلمُ والسيفُ
صفحاتٌ من تُراثِ أُمّتـي وأجــدادي
عـراقيٌ أنا كُـردي الأصـولِ مِنَ نَبعـي شقـلاوة والطيبـةُ بعـضٌ
من شـذى سولافَ تُعطِرُ أخلاقي
مُسـلمٌ أتوضأ في شـطِ الأعظمية وأُصلي بحضرة الكاظمية
وأُختمُها بِركعتين بِجامع الكَيلانـي

مَسيحيُّ المُحيا وترانيمي بكنيسةِ العذراءِ أنشُدها وأُعَمدُّ
بقارورةِ ماءٍ بدير الصابئةِ المندائي


لا تسألوني وأسألوا غُزاتكم عن وطني فقد أحرقوا أوراقَ
قصائدي وبَعثروا دَفاترَ أطفالي
وأستباحوا كل المُحرماتِ لديارِ أهلي بِخبثٍ وجثِموا بِحرابهم
فوقَ صدورنا بِعادياتِ الزمانِ
لا تسألوني وأسألوا الدمَ المُراق للضحايا النائباتِ
بلا ذَنبٍ ودموع الحمائم الهادلاتِ
وأسألوا الذئاب ساستكُم وكيفَ أسِنةِ خَناجِرهم مِن
ساستِنا ألتهمونا على موائد اللِئامِ
هُمُّ العارُ بالحَشـاشـةِ وتأبى النَذالةِ ألا تُفارقهم وناصيتهم
الغَدرُ جِيـاعٌ مِن حثالـةِ الأوغـادِ

الحُفاتَ العُـرات قد غادرتهم أسمائهم بِأكنةٍ لَمْلَمُوهُم مِن
قِمامةِ الغِـلِ والدَنَسِ وقاعِ المُوبِقاتِ


فلا تلومونــي كيف فارقتُ أرضَ أجـدادي وجدائل حبيباتي
وأسبابُ حُزنـي وأغتِـرابِي
ولومـوا أنفُســكم عن فَحيح ثعابينكــم وسمومِها بتشـويه
بِضعةُ أولادِنا مِنْ آدمَ و حواءِ

وأسـألوا عن خفافيش الليل الذين باتوا يُذَبـَّـحون
الولّـدانِ في مُدُنـيِ مـِن المَشـيميـةِ لِلبَنـانِ
 عِراقــيُ الـدَّمِ بالوالديـنِ وأفتَخِـرُ مادامَ يَسكُنُ 
كَطَلع النخلِ مابين العِثـقِ وأحداقـي 
وأتوَسَــدُ حَبـاتَ تُرابـهِ الدافئات حيـاً
وألتحَّفُ ثراهُ كالعاشقينَ بعــدِ الممــاتِ

ســلامٌ على نَخـلِ العــراق الشـامخاتِ وأهلـهِ
ولمُرضِعتــي بِجنـةِ الخُلـدِ السـلامُ
فَحليبُـها الطاهـرُ نَبـعِ شَـهدٍ مازالَ يَجــري كشِـريانِ

الرافــدينِ يَمُــوجُ بِأوصـالي

 
إبراهيـــم الصفـــار
لندن