Tuesday, July 15, 2014

حصاد الفوضى غير الخلاقة!


كتب نعوم تشومسكي . 

في 26 يونيو، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في صفحتها الأولى، صورة امرأة تندب رجلاً عراقياً مقتولاً وهو واحد من بين الضحايا الذين لا يعدّون ولا يحصرون لحملة لتنظيم «الدولة الإسلامية في الشام والعراق» المعروف باسم «داعش» سرعان ما ألغت الجيش العراقي الذي حصل على تدريبات وأسلحة من الولايات المتحدة على مدى سنوات، ومع ذلك ترك معظم أنحاء العراق لبضعة آلاف من المسلحين مع العلم أنّ هذه التجربة ليست بجديدة في التاريخ الإمبريالي.

وفوق الصورة، أوردت الصحيفة شعارها الشهير «كافة الأخبار التي تستحق النشر». ولكن، تمّ إغفال أمر أساسي إذ كان يجب أن تُنشر، على الصفحة الأولى، الكلمات التي وردت في محاكمة قادة النازية في نورمبرغ التي يجب تكرارها إلى أن تترسّخ في الوعي العام ومفادها أنّ الاعتداء هو «جريمة دولية كبرى لا تختلف عن جرائم الحرب الأخرى إلا بكونها تشتمل على شرّها كلّها». وإلى جانب هذه الكلمات، يجب إضافة التحذير الذي أطلقه المدعي العام للولايات المتحدّة في محاكمات نورمبرغ روبرت جاكسون القائل «إنّ السجل الذي نحكم على أساسه على المتهمين هو السجل نفسه الذي سيعتمده التاريخ للحكم علينا. وإن تمّ إعطاء هؤلاء المتهمين كأساً فيه مشروب لذيذ ومسموم فهذا يعني أننا نتجرّعها أيضاً». ويعدّ غزو الولايات المتحدة والمملكة المتحدّة للعراق مثالاً نموذجياً لهذا الاعتداء. ويتحدّث المدافعون عن هذه القضية
عن نوايا نبيلة من ورائه قد تكون غير مهمة في حال كانت الدعاوى مستدامة.

وفي مقابلة أخيرة أجراها الخبير في الشؤون العراقية رائد جرّار في برنامج «مويرز وشركاه»، لخّص ما يجب أن نعرفه نحن في الغرب. وعلى غرار عدد كبير من العراقيين، فجرّار نصف شيعي ونصف سُني وقبل غزو العراق كان يعرف القليل عن الهويات الدينية لأقربائه لأنّ «المذهب لم يكن جزءاً من الوعي الوطني». ويذكّرنا جرّار بأنّ «هذا النزاع الطائفي هو الذي يدمّر البلد... وقد بدأ مع الغزو والاحتلال الأميركي». وقد قام المعتدون بتدمير «هوية العراق الوطنية واستبدلوها بهويات مذهبية وإثنية»، وذلك حين فرضت الولايات المتحدّة مجلساً حاكماً قائماً على الهوية المذهبية، وهو أمر مستحدث بالنسبة إلى العراق.

  افرام نعوم تشومسكي : هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكيإضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا