Sunday, March 8, 2015

عولمة الكراهية و إلغاء الآخر


 د.ماجدة غضبان المشلب

     "لا تمت دون ان تمارس الجنس ، ففي السماء لا يوجد سوى الارهابيين

   
هذا ما نشر على بروفايلي في غوغل+ من قبل شاب امريكي ، مما جعلني مضطرة دون وعي مني للدفاع عن وجودي الذي الصقت به تهمة الارهاب ضمنيا ، كما وجهت له صفعة متعمدة تتقصى جذوري الاسلامية ، و اصبحت مرغمة لخوض حرب غوغلية مع مجموعة من الافراد يجهلون كل ما يتعلق بي كإنسان و تأريخ ومعاناة بقاء ، يشعرون ان علي و ان رغبت عن ذلك ان اسمع رايهم بي ، و ان اصمت ، و ان ارتضي لصمتي ان يعد انتصارا لحضارتهم و لصالح محوي كمخلوق يشاركهم صفات الانسانية.


عبثا حاولت ان افصل المسميات عن بعضها او اثبت وجودها خارج ما التصق بها كمتلازمة لا سبيل للخلاص منها:-


 الاسلام_الارهاب ، العرب-الاسلام ، الاسلام-القتل ، العرب-الهمجية ، العرب-اغتصاب النساء ، الاسلام-الزواج بالبنات القاصرات ، الاسلام _الحجاب_حبس المرأة-مصادرة الحقوق ، الاسلام_البربرية ، الاسلام الجهل ، العرب_التخلف.


تمنيت حينها لو ان وسائل الاتصال انعدمت ، و لو ان الكون لم يتحول الى قرية صغيرة ، فانا اضطهد عبر وسائل الاتصال و لا اشعر بجدوى حجم القرية الصغير ازاء صوتي الذي لا يسمع و كياني الملغي سلفا.


بالنسبة للمسلمين انا كافرة طالما احاول مناقشة التابوهات الاسلامية ، شيعية رافضية كافرة ايضا ، لا يحق لها الانتماء للاسلام بالنسبة للاغلبية العربية المسلمة و التي تنتمي للمذهب السني ، شروكية بحكم ولادتي في جنوب العراق و تهمة التخلف موجهة كرصاصة رحمة و ان كنت اكثر الناس وعيا ، و شيوعية محكومة بالاعدام منذ عشرات السنين بسبب ايماني بظلم النظام الراسمالي للشعوب و استغلاله لجهود الانسان شرقا و غربا.


قد تكون مقالتي هذه شكوى اكثر من اي شيء اخر، او صرخة احتجاج ضد حضارة عالمية لا يمكنها ان تحميني تحت اي مسمى ، و لا اراها سوى اجهزة تقرب البعيد ، و تجعل المستحيل ممكنا حتى صرت لا اندهش ان سمعت بوجود سيارة من نوع كية في العلاوي في وسط بغداد و صاحبها ينادي كما هو الحال قبل اربعين عاما دون اي تطور:


_نفر واحد للمريخ؟؟؟؟.


مثلما اصبح من البديهي ان اسمع ان خيرة ابناء المعمورة قد قتل على عتبة داره ، ليمضي بي النهار كما بدا دون لون او طعم او رائحة او حتى دموع استنكار.


هذه النقائض المؤلمة تقودني الى عشرات من الاسئلة الحائرة ، ليس لانها دون جواب ، بل لأن محصلتي ممن يوافقونني على طرحها ربما لن تتجاوز الرقم صفر:-


_هل من حضارة قامت على سلم؟؟؟؟؟.


_هل يمكن ان اسمي ناطحات السحاب حضارة و قد سلبتني نعمة الحصول على بيت آمن في وطني العراق؟.


_هل اصبح لزاما ان نعيد صياغة المفاهيم و معنى التحضر و ضده الحرب؟؟؟.


 التحضر كما صرت ارى مجموعة من القوانين (قبل ان يكون بنايات او اختراعات و اكتشافات) تحيطني بالرعاية و الاهتمام كإنسان له حق اعتناق ما يريد من افكار و معتقدات بشرط ان لا تتسبب بأذى الآخر ، لا مجرد آلة إنتاج مبرمجة و سلم لبلوغ السلطة ، فان نثرت اشلائي على اي رصيف لن يعلم اي امريكي ممن انكروا علي حتى حق الحوار معهم ان بوش و اوباما قد تربعوا على اشلائي و نثار اجساد و وجود العراقيين و العرب و المسلمين؟؟.


كان لانهيار الاتحاد السوفييتي و حلول عصر القطب الواحد ، و الفراغ الذي خلفه انحسار الفكر اليساري فضل التمهيد لنمو جذور الكراهية بجذوعها علنا فوق التربة العارية ، لتطرح ثمارها حروبا و انقسامات ، فما وحدته اممية الشيوعيين قد مزقته إفرازات عصر الانهيار الرأسمالي المتمثل بآخر مرحلة او ما يسمى بالعولمة.


ان عولمة الكراهية تحول المرء من فرد اجتماعي الى اداة قمعية للاخر في سبيل الحصول على غنيمة الحياة بقيمها المادية دون الروحية.


هذا ما دفع بكل انتماء عرقي كان او ديني او طائفي الى الاعلان عن نفسه بشكل عنيف و معاد تماما لما حوله ، فكل ما اسسته الرأسمالية من مفاهيم قائم على التجسيم النفعي و ليس الانساني ، و التجسيم النفعي بدوره لم يعد ممكنا دون استغلال الاخرين و تقرير مصيرهم الكوني و ان كان تحت سطوة العنف و الاصطدام الفيزيائي المباشر وصولا الى الابادة الجماعية.


هذا المحيط المرعب الغامض المثير للقلق جعل من الغيبيات ملاذا للضعفاء ، و لاسلحتها المعادية (بشكل دموي و سافر لمن حتم القوة لطرف وحيد لا سواه) نفوذها الذي لا ينكر و لا تسلط اضواء الاعلام الا على بشاعته مع التورية التامة لمجازر النظام الارهابي العالمي المنظم ضد شعوب كاملة ، كما غدت المجازر ذاتها هوية للكيانات التي ارتكزت على الغيب فكرا داعما بلا حدود طالما تفتقد الجموع المصادرة فيزيائيا اسبابا للمطالبة باثباتات عقلانية و علمية مقنعة لتنظيماتها العشوائية القائمة كردة فعل ازاء حضارة تسحق الانسان تماما و تحوله الى هباء.


ان للطبيعة صبرها العظيم و ردود افعالها على من يتجاوز على حرماتها عظيم ايضا ، و من الواضح انها سترد بعنف على عبثية الانسان و استغلاله لعطائها و هذا ما سيتسبب بكوارث هائلة هدفها استعادة الطبيعة لتوازن عناصرها و دوراتها الازلية.


و للانسانية صبرها الذي قد نفذ ، لا مزيد من الخيارات بين صمت و ثورة ، انما ستهدر الجموع التي لم يعد لديها الكثير لتخسره مطيحة بكل حجارة او ما تدعى بالحضارة اليوم و ما قامت الا على نزيف الشعوب و آهات بني آدم.


يومها لن يكون للاتصال ضرورة او للقرية من وجود يعادل استعادة الانسان لنفسه و حقه في البقاء بحرية دون تنافس مع ضد لا وجود له حتما.


بالتأكيد سيعيش احفادي حياة افضل حين لا يجدون امريكيا يجهلهم تماما و يعتمد اعلامه المشوه لصالح نظامه الرأسمالي في الحكم عليهم و نعتهم بأسوأ النعوت ، و ستصبح سعادتهم في اللعب مع قرائن ينتمون لزمن واحد و مكان واحد و لا سطوة عابرة القارات لاحد على اخر

No comments:

Post a Comment

الاختلاف بالاراء يعطي روحيه للموضوع
الصمت ليس دائما يعني الموافقه
اسمع صوتك للاخرين ولكن بشرط
1: يمنع استخدام لغه حوار غير لائقه
2: يمنع التعليق خارج الموضوع المحدد