وأنت تعرف من يكون الكُفار وقد عشت أنتَ بين ضهرانيهم أيام لجوئك إلى حياضهم وهُم الذين يأوون الملايين من
المسلمين بالهوية وأنا منهم اليوم أسماً في حساباتهم كأنسان وأنت تعلم أنهم وقاونينهم أكثر منّا تطبيقاً
لروح الأسلام وشريعته السماوية ولكنهم لايعلمون مُستثنياً حُكامهم وسياسيهم المجرمين بحق الشعوب
الآمنة والغنية بما فوق تُرابهم وتحته ،هذا الصديق معي اليوم في بلاد الغربة من الكُرد العراقيين الفيليين
الذين هُجروا من العراق الى إيران مع عوائلهم ونحن نعلم كم كانت مُعناتهم حتى أنهم لم يحصلوا على أية
هوية أمتنع الفرس من تزويدهم بها لأنهم كانوا يعتبرونهم عراقيين ولا يستحقونها وحين عادوا بعد الغزو
وكانوا يتأملون أن حكومتهم الشيعية في العراق أنها سوف تنصفهم ولكن مسحوا أيديهم بالحائط كما نقول
حين تبين لهم الحق من الباطل كما كانوا يتطلعون للخيط الأبيض من الأسود في السطوح لسمائنا
عند الفجر، وقد فوجئ صاحبي حين زار أهله قبل أشهر ببغداد بعد سنين فراقهم وأشهد الله على ما أخبرني
به حيث وجد والدته كل يوم خميس قد نذرت وجبة غداءً على روح صدام ويقوم والده بتوزيعه على الجيران وهم
يترحمون عليه وعلى زمانه على الرغم مما جرى لهم منه ولكنهم تيقنوا أنه كان أرحم وأشرف منكم ومن
المتسلطين اليوم على رقابهم الذين يسرقون ويُخمسون ويُصلون ويزنون
دكتور أياد علاوي
أنا عراقيٌ أباً عن جد ولدتني مُرضعتي العراقية بحليبها الطاهر لا تشوبه شائبة وترعرت بين أحضان
تربتي وسمائي ومياه الفراتين حتى هَجّروني الغُرباء الجبناء بليلة ظلماء ودمروا كلما بناه أجدادي وأجدادك
وأنت تعرفهم وربما عاشرتهم أو جلست بحوارات معهم وربما حدست ما يدور بنياتهم لكنَّ ما كل
ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وأنت أدرى بما جرى وما يجري لنا ليومنا هذا
تملينت فيه أعداد أراملنا والأيتام يبحثون عن لقمةٍ تسد جوع بطونهم الخاوية في مزابلكم المُتخمة وتشرد
العلماء وقتل من قتل منهم مع الأعلام والضباط من كل صنوفهم وفي طليعتهم الرجال الرجال من صقورنا
النجباء وزاد فقر الفقراء بزيادة كروش جحوشكم السياسية من الطائفيين أنصاف الرجال والعملاء وباعوا كل
شيءٍ في العراق بعد أن باعوا نقطة الماء في شرفهم المهتوك وفق شريعة وليهم السفيه وأصبح كل شيء حسرة
والماء والنور في المصباح حسرة ونسمة العصاري في حدائقنا وبرد الليل في غبشتنا هي أصبحت حسرة
ولا تُدانيها من لهيب الحسرات إلا جَمرُ النحيب لأمهاتنا والأرامل والأيتام في كل ساعة يودعون فيها راعيهم
كل ما أتمناه عليك سيادة رئيس وزراء العراق السابق أن تجيبني على أسألتي التي سأختصرها قبل أن يصيبك
الملل من رسالتي وأشاراتي المُرة بحقكم وأنت لربما تختلف عن الأُميين الأقزام بشهاداتك وثقافتك المعهودة فيك
فهل حققتم كل ما تمنيتموه لنا أم أن حقدكم على صدام حسين قد أعمى بصيرتكم لتشتتوا صفوفنا وجعلتمونا
شعوباً وقبائل لنتقاتل وأن أكرمنا عندكم أكثرنا إجراما وإلحادا؟
هل قرأت مستويات فقرنا وفساد حُكمكم وجيشكم وجندرمنتكم وتعليمكم وأقامة اللطمية بصروح جامعاتكم؟
فإذا كان صدام قد أنشأ وبنى في أرجاء عراقنا وشواهدها من شماله لجنوبه واليوم أنتم تمرحون فيها
وطيفه يؤرقكم في كل ركنٍ بأرجاء قصوره، فهل بنيتم ولو قُناً للشعب الذي دجنتموه أم أقتنيتم مُنتجعات
لمُحضياتكم تلوذون إليها من قيض العراق وسمائه المُعفرة وشوارعه المُغلقة في بلاد الغربِ أوطاني؟
وأين نفطنا وما حلَّ بتأميمه في دهركم وأين تُهاجر موارد ذهبنا الأسود وبأيةِ أنابيب يُشفط وعلى من يُغدق؟
واليوم غدونا المُنتج الأول من آبار الدم أفلا يكفيكم ؟
هاجرتم ولم تكن أعدادكم تتعدى أُم سبعة وسبعين
فهل سألت اليوم عن المهاجرين الذي قارب أربعة مليون عراقي لا يعرف أين سيُدفن ونفسه بأي أرضٍ تموت؟
سؤالي الأخير لسيادتك يلازمني دوماً ويُحيرني وأخشى ألا أزعجت مزاجك إن أنتَ أكملت رسالتي فبعد أن أضعتم
مُستقبل أجيالنا فهل فكرت ولو بخلوة مع ذاتك عن مستقبل عيالك وعشيرتك بعد كل ما جنيتم به علينا وماذا
سيجدون بعد خراب البصرة أم أنك قد أمّنت مسقبل أحفادك في ربوع بلاد الكُفار؟
وقبل أن أختم رسالتي عليَّ أن أُذكرك بأن عراقنا رمح الله في أرضه لن يكسره المُخنثون في سلطة اليوم
من أشباه الفرس نعاج المجوس والسفلة
حيثُ قال فيه عمر الفاروق
العراق جمجمة العرب وكنزُ الرجال ومادة الانصار ورُمح الله في الأرض وأبشروا فأن رُمح الله لا ينكسر
والسلام ختام
إبراهيـــم الصفــار